محور صلاح الدين أو محور فيلادلفيا: المنطقة الحدودية بين غزة ومصر

ماهو محور صلاح الدين أو محور فيلادلفيا وما علاقته بمعركة طوفان الاقصى والحرب الاسرائيلية على غزة؟ وما أهميته؟ ولماذا تسعى اسرائيل لاحتلاله بينما تقف مصر بكل قوتها لمنع ذلك؟ في هذا المقال سنجيب عن كل هذه الاسئلة واكثر حول كل ما تريد معرفته حول محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين).

إقرأ أيضا: بعد إنهاء المادة Title 42: هل أصبحت حدود الولايات المتحدة مفتوحة ؟.

تعتبر منطقة محور فيلادلفيا إحدى المناطق الحدودية الهامة في الشرق الأوسط، حيث تمتد على طول الحدود بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية. يعود تسمية المحور إلى اسم الشارع الرئيسي في المنطقة، الذي يحمل اسم مدينة فيلادلفيا الأمريكية. تشكل المنطقة نقطة تقاء وتلاقٍ حيوية بين الفلسطينيين والمصريين، وتعتبر ممرًا استراتيجيًا تاريخيًا واقتصاديًا وسياسيًا.

محور صلاح الدين أو محور فيلادلفيا

يقع محور فيلادلفيا على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، على طول الحدود المصرية مع القطاع، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة ودولة الاحتلال.

ويشكل المحور شريطا عازلا بين مصر والقطاع، ويبلغ طوله نحو 14 كيلومترا، وعرضه بضع مئات من الأمتار، وقد أنشئ عليه معبر رفح البري، الذي يمثل المنفذ الرئيسي للغزيين على العالم الخارجي.

وتشمل المنطقة العازلة الحدود بين مصر وقطاع غزة، حيث يمر عبر الجانب الفلسطيني، الذي احتلته إسرائيل منذ عام 1967، طريق ضيق يُعرف بمحور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين، وهو كالتالي: عبارة عن طريق شرق الحدود الدولية بين قطاع غزة ومصر. يبلغ طوله 14 كيلومتراً، ينطلق من البحر المتوسط، وينتهي جنوباً عند منطقة كرم أبو سالم.

تمتاز منطقة محور فيلادلفيا بتاريخها العريق، حيث يعود تأريخها إلى عقود عديدة. في الماضي، كانت المنطقة تعد جزءًا من الحدود الإدارية بين مصر وفلسطين. ومع ذلك، بعد احتلال إسرائيل للمنطقة في حرب عام 1967، تغيرت الديناميكية السياسية والاجتماعية في المنطقة. أصبحت محور فيلادلفيا نقطة توتر وصراع بين القوى الفلسطينية والإسرائيلية.

منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في عام 2005، تم السيطرة على المنطقة بشكل مشترك بين السلطة الوطنية الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والمتمثلة بحركة حماس ومصر. توجد قوات حفظ السلام المصرية في المنطقة، وتعمل على ضبط الحدود وتأمين المنطقة. ومع ذلك، تواجه المنطقة العديد من التحديات والصعوبات، بما في ذلك الحدود المغلقة والتجارة المحدودة والتضييق على حرية التنقل.

اتفاق فيلادلفي

قامت إسرائيل بالاتفاق مع مصر والتوقيع على «الترتيبات المتفق عليها فيما يتعلق بنشر قوة من حرس الحدود المصري في رفح الفلسطينية»، أو اتفاق فيلادلفيا مع مصر. تسمح هذه الاتفاقية لمصر بنشر قوة من 750 فرد حرس حدودي لتسيير دوريات على جانب المحور المصري، لمنع «التهريب والتسلل والأنشطة الإجرامية الأخرى». ونص الاتفاق على أن القوات المصرية هي «قوة مخصصة لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود» وليست كقوى عسكرية.

وأشار في نص الاتفاقية أن هذه الاتفاقية لا تلغي أو تعدل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، والإبقاء على حالة المحور وصحراء سيناء كمناطق منزوعة السلاح.

   محور صلاح الدين يجب على جميع الأطراف إدراك أن نشر قوات حرس الحدود وهذه الترتيبات لا يعدل ولا ينقح ولا يغير معاهدة السلام بأي حال من الأحوال. بل هي ترتيبات وتدابير أمنية إضافية لمواجهة التسلل وافق عليها الطرفان.    محور صلاح الدين —معادة فيلاديلفيا، المادة 9

وإنما تعزز الاتفاقية من قدرة مصر «لمكافحة التهريب على طول الحدود»، والتأكد من أن تلك القوات لن تخدم أي أغراض عسكرية. أصرت إسرائيل على إدراج ضمن نص الاتفاقية أن تلك التعديلات ليست ضمن معاهدة السلام لعام 1979، بسبب محاولات وسعي مصر إلى إعادة تسليح سيناء والحدود مع إسرائيل وقطاع غزة مرة أخرى.

يحتوي الاتفاق على 83 بند، ويصف على وجه التحديد البعثة والتزامات الأطراف، بما في ذلك أنواع معينة من الآلات والأسلحة المسموح بها والبنية التحتية.

نشر قوات مصرية في المحور

في سبتمبر/أيلول 2005، تم توقيع "اتفاق فيلادلفيا" بين إسرائيل ومصر الذي تعتبره إسرائيل ملحقا أمنيا لمعاهدة السلام 1979، وتقول إنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها.

ويتضمن اتفاق فيلادلفيا نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وتُقدر تلك القوات بنحو 750 جنديا من حرس الحدود المصري، ومهمتهم تتمحور فقط في مكافحة ما يسمى الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق.

ووفقا للاتفاقية، تم السماح بوجود 4 سرايا للقوات المصرية، مسلحة بسلاح خفيف، تم تحديده بـ504 بنادق أوتوماتيكية و9 بنادق قناصة و94 مسدسا و67 رشاشا و27 صاروخ "آر بي جي" و31 مدرعة من المدرعات الخاصة بالشرطة و44 سيارة جيب و4 سفن في المنطقة الحدودية البحرية للمراقبة، و8 مروحيات غير مسلحة للاستكشاف الجوي، و3 أجهزة رادار للكشف عن المتسللين.

ويحظر على القوات المصرية -حسب الاتفاقية- إقامة تحصينات ومستودعات أسلحة، فضلا عن معدات جمع المعلومات الاستخبارية ذات الطراز العسكري، وتخضع القوات المصرية لمراقبة القوات متعددة الجنسية الموجودة في سيناء، كما فرض الاتفاق لقاءات دورية بين الطرف المصري وضباط من الجيش الإسرائيلي، وتبادل للمعلومات الاستخباراتية وإجراء تقييم سنوي لتنفيذ الاتفاق.

أدى الاتفاق إلى إنشاء قوة حرس حدود مصرية تتألف من 750 فرد مقسمون بين مقر رئيسي وأربع وحدات فرعية. ونص الاتفاق على تزويد القوات المصرية بما يلي:

  • 500 بندقية هجومية.
  • 67 رشاش خفيف.
  • 27 قاذفة خفيفة مضادة للأفراد.
  • رادار أرضي.
  • 31 سيارة مجهزة خصيصاً للشرطة.
  • 44 سيارة دعم لوجستي.

وسمح بأبراج الحراسة والتسهيلات اللوجستية أيضاً. وتم منع المركبات العسكرية والمعدات الاستخبارية. وأي عدد زائد عن كمية الأسلحة المحددة مسبقاً.

الوجود الاسرائيلي في محور فيلادلفيا

ظهرت المنطقة العازلة "محور فيلادلفيا"، التي تعرف فلسطينيا باسم "محور صلاح الدين"، على إثر معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، التي نصت على إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود بين الطرفين.

ووفقا للاتفاقية، فإن المنطقة الحدودية التي تقع على الأراضي الفلسطينية، والتي أطلق عليها (د) تخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية التي حددت بحسب الاتفاقية بكتائب مشاة، تصل إلى 180 مركبة مدرعة من الأنواع كافة، وطاقم مكون من 4 آلاف عنصر، إضافة إلى منشآت عسكرية وتحصينات ميدانية.

ومنعت الاتفاقية وجود أي قوات مسلحة مصرية على الأراضي المصرية المتاخمة للحدود الفلسطينية التي أطلق عليها (ج)، وسمحت فقط للشرطة المدنية المصرية بأداء مهام الشرطة الاعتيادية بأسلحة خفيفة.

وظلت القوات الإسرائيلية مسيطرة على المنطقة إلى حين انسحاب إسرائيل من قطاع غزة منتصف أغسطس/آب 2005، وتسليمه للسلطة الفلسطينية التي منحت الإشراف على المناطق الحدودية والمعابر، بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.

ونصت خطة "فك الارتباط" على احتفاظ إسرائيل "بوجود عسكري لها على طول الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر (محور فيلادلفيا)" في المرحلة الأولى، وذلك لتوفير الحماية الأمنية، التي قد تتطلب توسيع المنطقة التي تتم فيها النشاطات العسكرية، وجعلت الاتفاقية إخلاء المنطقة مشروطا بالواقع الأمني والتعاون المصري في التوصل إلى اتفاق موثوق.

الوضع الحالي لمحور فيلادلفيا

سيطرت حركة حماس منذ معركة غزة عام 2007 على محور صلاح الدين بعد السيطرة الكاملة على قطاع غزة.

وفي يناير، 2008، قام عدداً من المسلحون الفلسطينيون بتدمير أجزاءً من الجدار الحدودي مع الشريط الحدودي بالقرب من مدينة رفح. وتدفق على إثر هذا العمل الآلاف من سكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية للبحث عن الطعام والمؤن. وأفادت وكالة رويترز للأنباء نقلا عن دبلوماسيين غربيين غير معروف في يناير 2009، أن الجيش الإسرائيلي يفكر في استعادة السيطرة على منطقة محور فيلادلفي من أجل منع حماس من إعادة التسلح.

تحول محور فيلادلفي، إلى نقطة استقطاب في الحكومة الإسرائيلية، خلال عدوان 2023 على قطاع غزة، ويهدد قادة إسرائيل، باعتبار المحور أحد أهداف العملية العسكرية الكبيرة على قطاع غزة. ولكنّ هذه القضية، ما تزال إشكالية، نظرًا لإمكانية خلقها إشكالية مع مصر، فيما تسعى إسرائيل، إلى الانتهاء من هذا الملف باعتباره، يساهم في إدخال الأسلحة إلى قطاع غزة.

أنفاق فيلادلفيا شريان حياة

وعام 2007، سيطرت حماس على قطاع غزة، وخضع محور فيلادلفيا لهيمنتها، وفرضت إسرائيل حصارا خانقا على القطاع، الأمر الذي دفع الفلسطينيين لعبور الشريط الحدودي باتجاه مصر للتزود بالطعام والشراب والمواد الأساسية لحياتهم، وعلى إثر ذلك فرضت القوات المصرية سيطرتها على فيلادلفيا.

ومع إحكام الحصار لسنوات على القطاع، حفر الغزيون مئات الأنفاق أسفل محور فيلادلفيا، وشكلت الأنفاق شريان حياة للسكان، الذين يقبعون تحت وطأة العوز لاحتياجاتهم الأساسية التي حرموها بسبب الحصار، وهاجمت إسرائيل من جانبها المنطقة بهدف تدمير الأنفاق، التي تزعم أنها تستخدم لتهريب السلاح والمواد المتفجرة.

محور فيلادلفيا بعد طوفان الأقصى

وعقب عملية "طوفان الأقصى"، التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأت إسرائيل بتطويق قطاع غزة من جميع الجهات، وتشديد الخناق على المقاومة، وأصبح محور فيلادلفيا أحد أهم المناطق الإستراتيجية المستهدفة في الخطة الإسرائيلية لعزل القطاع، وأخذت الضربات الجوية تقصف الخط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة.

ويوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2023 شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما استثنائيا على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة، بحجة تدمير الأنفاق التي تستخدمها المقاومة لتهريب الأسلحة، في حين كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن نية الحكومة الإسرائيلية السيطرة على محور فيلادلفيا، من خلال تسريبها تصريحات لنتنياهو، أمام اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست.

ويوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعاد جيش الاحتلال الكرّة، عبر مناورة قصيرة في المنطقة الحدودية بين معبر كرم أبو سالم ورفح، ثم تراجع بعد اشتباك عنيف مع المقاومة.

واستهدفت قوات الاحتلال ضمن هجماتها المستمرة على القطاع المعابر الواقعة على محور فيلادلفيا، حيث تعرّض الجانب الفلسطيني من معبر رفح لهجمات إسرائيلية عدة مرات، وتم قصف معبر كرم أبو سالم، وذهب ضحيته 4 فلسطينيين.

الموقف المصري من الهجمات الاسرائيلية على محور صلاح الدين

استهدفت الهجمات الإسرائيلية مواضع على مرمى أمتار من الحدود المصرية، وهو ما سبب توترا في العلاقات بين إسرائيل ومصر، لا سيما بعد قصف الاحتلال بدبابة برج مراقبة مصريا في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتذرع الاحتلال بأن القصف جاء عن طريق الخطأ.

وأثارت الضربات قلقا مصريا، وحذرت سلطات الاحتلال من تنفيذ عمليات عسكرية في "محور فيلادلفيا"، الذي يعد منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، ويخضع لاتفاقيات ثنائية، تستوجب الحصول على إذن مسبق من الطرف الآخر قبل تنفيذ أي أعمال عسكرية فيها.

وترفض السلطات المصرية وجود أي قوات إسرائيلية بمحور فيلادلفيا المتاخم للحدود المصرية، حيث لا يحق لإسرائيل -حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين- مخالفة الترتيبات الأمنية القائمة من دون موافقة مصر، التي أكدت أنها دمرت جميع الأنفاق التي كانت تُستخدم للتهريب بينها وبين القطاع، ومنعت إدخال المواد المحظورة إلى داخل القطاع، ونفت مزاعم إسرائيل باستخدام المقاومة الخط الحدودي لتنفيذ عملياتها وتهريب الأسلحة للداخل.

كما عززت مصر قواتها عقب الاستهدافات الإسرائيلية لمحور فيلادلفيا، وفي ظل اتجاه كثير من النازحين إلى مدينة رفح والمناطق الحدودية، زادت من الحواجز وحصنت محيط أبراج المراقبة والمواقع العسكرية المختلفة في المنطقة العازلة.

مقالات أخرى قد تهمّك :


مصادر:
ويكيبيديا
محور فيلادلفيا.. شريط حدودي إستراتيجي بين غزة ومصر - الجزيرة
ما هو محور فيلادلفيا الذي تسعى إسرائيل السيطرة عليه؟ - BBC

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق